إعلان

الميدان.. ضمير الثورة في الأوسكار

الميدان.. ضمير الثورة في الأوسكار

03:00 م الإثنين 20 يناير 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – عبد القادر سعيد:

أسمعتم في يوم عن آلة الزمن؟ هذا الشيء الذي يمكنه أن ينقلك عبر العصور والأزمنة إلى أي مكان تفضل أن تعيش فيه ولو لوقت قليل، إنها ليست آلة أسطورية أو درب من الخيال بالمناسبة، ولكن إذا كنا لا نمتلكها الأن، فنحن نمتلك الفن والإبداع الذي يمكنه أن ينقلك لساعة ونصف إلى المكان المفضل والمحبب لقلبك إذا كنت من القلة المندسة أو العميل الممول الذي عاش في الميدان منذ 3 سنوات.

3 سنوات؟ يا إلهي! لقد مر الوقت سريعاً وتعاقبت الأيام بعد اليوم الموعود في 25 يناير 2011، ولكن ماذا حدث منذ ذلك التاريخ؟.. أعتقد أن فيلم الميدان الوثائقي يجيب على بعض الأسئلة بمنتهى الصدق والضمير والواقعية دون ارتداء أي ألوان أو الارتماء في أي أحضان سوى حضن الثورة.

فقد بدأت الحكاية في هذا العمل الذي يروي أحداث الثورة من البداية، البداية التي أوصلت الناس إلى أن يثوروا، فهذا الطفل الذي يبيع بضع من ثمرات الليمون على أحد الأرصفة ليجد قوت يومه ولا يجد مستقبلاً أو تعليماً أو علاجاً عند مرضه يتحول بعد سنوات إلى صوت قوي يهز الأرض من تحت أقدام من ظلموه في الميدان.

أحمد وخالد ومجدي، هذا الثلاثي الذي جسّد تحالف القوى الوطنية في الثورة ما بين شاب ثوري غير مسيس وأخر ليبرالي يساري مع الشاب الإخواني الذي يخالف قرار جماعته وينزل لمؤازرة الشباب في حلم التغيير منذ اليوم الأول للثورة، كلهم تجمعوا من أجل مطلب واحد ووجدوا أنفسهم يد واحدة فعلاً لا قولاً على سطح ميدان التحرير، لتبدأ الحكاية.

مشاهد الغناء والأهازيج في قلب ميدان التحرير أثناء الـ 18 يوماً الأولى والتوحد الشامل والساحق بين كل أبناء الوطن ضد نظام مبارك، والهتافات واللافتات الطريفة، كل هذا كفيل بأن يتسرب شيء ما بداخلك ويسري في عروقك لينقلك في لحظات عبر آلة الزمن إلى ميدان التحرير لتجد نفسك واقفاً بينهم تعيش أحلي لحظات حياتك حيث لا فرقة لا تخوين لا تضليل الجميع يتوحد على حب مصر وعشق ترابها.

لكن للأسف الواقع يأخذ الفيلم بعد ذلك إلى أحداث تنحي مبارك وقدوم المجلس العسكري الذي أجبر الثوار على العودة للميدان من جديد وهنا ينتقل الفيلم إلى الحقبة الثانية في الثورة وهي فترة المجلس العسكري، ويناقش هذه الفترة من وجهة النظر التي عاشتها على الأرض وهي بالتأكيد وجهة نظر الثورة.

فيعرض الفيلم مذبحة ماسبيرو والمأساة التي عاشتها مصر بدهس المعتصمين وسحلهم، ثم أحداث محمد محمود وتسليم الإخوان والإسلاميين للثوار تسليم أهالي للمجلس العسكري الذي فتك بهم وكأنه أسد وجد أخيراً غزالة هادرة بعد أن تركها القطيع ليذهب للبرلمان والأضواء.

عند هذا الحد من الفيلم لن تستطيع أن تفك أساريرك وتعود لحياتك حتى تنتهي مدته، أنت الأن رهن رحلة زمنية لا يمكنك أن تقطعها، وأثناء هذه الرحلة تبدأ المناقشات بين الثلاثي أحمد وخالد ومجدي مع أصدقائهم وأسرهم.

وإذا كنت لا تعرف سبب التخوين بين تيارات قامت بالثورة الأن، فعليك أن تتابع الفيلم من البداية حتى تأتي لحظة فوز محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية وينتقل مجدي وابنه للدفاع عن قصر الاتحادية ومبادلة قذائف الحجارة مع أصدقائهم الثوار الذين صنعوا معهم التغيير.

وما بين سخط مجدي الإخواني على قيادات جماعته ثم رفضه لهذه القرارات والنزول مع الثوار في الميدان مهما كلفه الأمر، واكتشافه لوجود أسلحة في الاتحادية ثم في النهاية عودته للدفاع عن الشرعية في رابعة العدوية وهو يتمنى الموت بدلاً من الاعتقال حتى لا يتم تعذيبه من جديد.

وبين فرحة الشاب الثوري أحمد ببيان عبد الفتاح السيسي بعزل محمد مرسي لتحقيق واحد من مطالب الثورة ثم عودته من جديد لمهاتفة مجدي ليعرض عليه أن ينزل معه لرابعة العدوية ليقف بجواره بعد سقوط قتلى من المعتصمين، من هنا بدأ ''الميكس'' بدأ الانفصام الثوري، بدأ التخوين، بدأ تبادل الاتهامات بين الثوار ما بين انقلابي وإرهابي في الوقت الذي يتحدث فيه كل قوى الثورة المضادة عنهم بكل أطرافهم أنهم عملاء وخونة ومخربين.

بكل حيادية وواقعية فهذا الفيلم الذي حل المعضلة وأجاب على الأسئلة التي تثار حول حالة الانفصام التي يعيشها المجتمع المصري الأن، وفضحه لانتهاكات نظام مبارك وخيانة المجلس العسكري والإخوان للثورة بكل واقعية فهو بالفعل يستحق على الأقل أن يترشح في القائمة النهائية لأفضل فيلم وثائقي بجائزة الأوسكار.

وكما اختتم الفيلم الذي حمل العديد من مظاهر الإبداع الفني بجملة ''نحن لا نبحث عن قائد، نحن نبحث عن ضمير''، فإن هذا الفيلم بالفعل هو ضمير الثورة الذي صدره صناع الفيلم للعالم بمهرجان الأوسكار.

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة .. للاشتراك  ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان