إعلان

ليست المسألة رواية نهى الزيني

محمود الورداني

ليست المسألة رواية نهى الزيني

محمود الورداني
11:01 م الخميس 17 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أبادر إلى القول في البداية إن من حق السيدة نهى الزيني أن تكتب ما تشاء من روايات، ومن حق أي مواطن أن يكتب ما يشاء، مثلما من حقنا أن نقول رأينا فيما يُكتب. أظن أن هذا أمر بديهي ولا يحتاج للمناقشة مطلقاً، وهناك قانون ينظم عملية النشر ورقم إيداع وما إلى ذلك...

وكانت دار الكرمة، وهي إحدى أهم دور النشر العربية وأكثرها احتراما، ونشرت على مدى الأعوام القليلة الماضية عشرات الكتب المحترمة، بل وأسست إلى جانب كتبها الجديدة سلسلة أخرى تعيد نشر عدد كبير من الكتب التي تتمتع بأهمية خاصة ونفدت فعلا ويحتاجها القارئ.

أكتب هذا بمناسبة ما أثير من جدل حول الرواية الأخيرة "بلا وطن" لنهى الزيني وأصدرتها دار الكرمة. تدور الرواية خلال الفترة بين حرب أكتوبر وحتى اغتيال السادات، وربما كانت العمل الأدبي الوحيد الذي يوثّق لنمو وتعاظم دور الإسلام السياسي خلال الفترة المذكورة، من وجهة نظر منحازة لهذا التيار، بل ومتورطة تماما على المستوى العاطفي لدعاوى وأفكار تيارات الإسلام السياسي.

من جانب آخر، فهي رواية تقليدية إلى أقصى حد من حيث بنائها البسيط الخالي من أي تعقيد، كما أن لغتها تنتمي إلى الماضي البعيد، ولا تبدو الكاتبة مهتمة بأي تجديد، أو مهتمة بأن تعلم أن اللغة الفنية الآن تختلف بشدة عن لغة الماضي غير القريب.

تدور الرواية أيضا حول علاقة حب ربطت بين عزة وإسماعيل، وتستدعي من خلالهما أجواء الحركة الطلابية من وجهة نظرها والبدايات الباكرة لعودة أفكار العنف واستخدام السلاح من أجل فرض الأسلمة في المجتمع. وفي هذا السياق تستدعي أحداث محاولة الانقلاب التي قام بها طلاب الفنية العسكرية بقيادة صالح سرية، إلى جانب استدعائها للضالعين في تلك المحاولة بأسمائهم الحقيقية.

ربما كان الأقرب للدقة أن تقول إن الكاتبة كتبت روايتها فقط من أجل أن تذكر أفكارها وتدعو لها، أي أنها لم تكتب عملا روائيا بل عملا دعائيا في ثوب رواية. ربما لهذا أغفلت وتجاهلت الدنيا من حولها، ولم تر إلا أبناء وبنات الإسلام السياسي. أما من يأتون في الرواية من أبناء وبنات الشعب فهم يأتون كزوائد فاقدة للروح، كعرائس ماريونيت وكحلية لإبراز أبناء الإسلام السياسي.

يبدو إذًا وكأن "بلا وطن" ليس مقصودا بها إلا التأريخ والتوثيق لأفكار ودعاوى الإسلام السياسي والدعوة لها وتسويقها. وأظن أن كل تلك الأمور مكانها كتب سياسية وتاريخية صدر بعضها وهي موجودة فعلا ألفها أبناء تيارات الإسلام السياسي.

لكنني أريد أن أستدرك بسرعة لأكرر وأؤكد على حق السيدة نهى الزيني في أن تكتب قناعاتها وتعبر عن أفكارها. وأيضا من حق دار الكرمة أن تنشر هذه الرواية أو ذلك الكتاب، وهناك قانون ينظم مثل تلك الأمور، كما أنه من المتاح للآخرين، مثلما أفعل أنا الآن، معارضة ونقد والهجوم على هذا الكتاب أو ذاك.

 

إعلان