إعلان

مَنْ هى إيفا زورالوفا.. أكبر نجوم المهرجان التشيكي العريق؟

د. أمــل الجمل

مَنْ هى إيفا زورالوفا.. أكبر نجوم المهرجان التشيكي العريق؟

د. أمل الجمل
07:00 م الثلاثاء 05 يوليه 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

على مدار الدورات التي حضرتها من مهرجان كارلوفي فاري وحتى الدورة الخامسة والخمسين عام ٢٠٢١، كنت أشاهد دوماً النجم التشيكي ورئيس المهرجان ييري بارتوشكا بصحبة إيفا زورالوفا، في المؤتمرات قبل انطلاق فعاليات أي دورة وأثناءها أيضاً. كنت أرى الاثنين دائماً في حالة مرح، بينهما إنسجام هارموني وكيمياء لطيفة، سواء على الشاشات التليفزيونية، أو على خشبة المسرح بالقاعة الرئيسية، كما على أرض الواقع إذا التقيت بهم صدفة في أحد ممرات المهرجان، أو أمام قاعات السينما، أو في الساحة الكبيرة أمام فندق جراند حياة حيث كانت تتعالى الضحكات في مرح طفولي.

للأسف هذا العام غيّب الموت إيفا، إذ رحلت في ١١ مارس الماضي عن عمر ٨٩ عاماً، لذلك ووفاءً لدورها في المهرجان التشيكي العريق الذي يعد أهم مهرجان في وسط وشرق أوروبا قرر منظمو المهرجان إهداء هذه الدورة - الممتدة بين ١- ٩ يوليو الجاري - إلى روح إيفا زورالوفا.

وذلك بالإضافة إلى إقامة معرض فوتوغرافيا يرصد مراحل مختلفة من حياتها، منذ طفولتها وشبابها وسنوات نضجها، وسنوات عملها في المهرجان، وإذا كانت صور الشباب والطفولة تخصها وحدها وتشي بجديتها منذ صغرها، لكن الصور التذكارية خلال سنوات عملها بالمهرجان التي تكاد تقترب من الثلاثين عاماً توثق في ذات الوقت للمهرجان وتؤكد على عراقته، إذ يُوثق معرض الصور لعلاقتها المستمرة بالسينما، وأنشطتها في إدارة مهرجان كارلوفي فاري السينمائى الدولي، وعلاقتها الفريدة مع رئيس المهرجان ييري بارتوشكا، كذلك تُسجل الصور لقاءاتها مع عشرات النجوم العالميين من عالم الفن السابع، مثل مورجان فريمان، ومايكل دوجلاس، ويليام دافو، وآخرين من أبرز نجوم السينما العالمية.

نُظم معرض مجاني يخص صورها في الطابق الأول من فندق ثيرمال في ثاني أيام المهرجان على أن يظل حوال أيام هذه الدورة، وافتتحه المدير الفني الحالي للمهرجان الناقد السينمائي كارل أوخ الذي قال في تقديمه للمعرض «دورة هذا العام من المهرجان ستفتقد أسطورة المهرجانات التي كانت تمنحنا كثير من العاطفة. دعونا نتذكر باعتزاز هذه السيدة العظيمة من السينما التشيكية ونبتهج بفرصة لقائها. وفي إحدى القاعات الصغيرة في الدور الأول من الفندق ذاته قدم كارل أوخ فيلمًا حائزًا على جائزة الأوسكار «لاسترادا» La Strada للمخرج الإيطالي فيديريكو فيليني. وعلق أوخ أمام جمهور القاعة التي كانت كاملة العدد: «كثيراً ما ذكرت إيفا زورالوفا أن فيلم La Strada كان هو السبب وراء وقوعها في حب وغرام السينما، والذي أثر بشكل كبير على حياتها المهنية المستقبلية. لذلك فهذا العرض مخصص ومُهدى لها، كتقدير لجميع أدوارها في المهرجان.. وأعتقد أنه من الواضح تمامًا مَنْ هو النجم الأكبر في دورة هذا العام من المهرجان.»

سيصبح فيليني وعمله حب وغرام إيفا زورالوفا مدى الحياة، فقد قامت بالترجمة التشيكية لـفيلمه La Strada، وفي أوائل التسعينيات ترجمت سيرة ذاتية عن فيلليني كتبها صديقه الناقد الرئيسي توليو كيزيتش. لسوء الحظ، لم تقابل إيفا زورالوفا فيدريكو فيليني شخصيًا أبداً، لكن في مهرجان فاري 1986 تمكنت من مقابلة زوجته جوليتا ماسينا، التي كانت تبلغ من العمر أكثر من خمسة وستين عامًا، لكنها بدت مذهلة. ومع ذلك تجنبت الحديث عن فيدريكو. إذ لم تكن حياتها معه سهلة ، لكنه لم يكن ليتمكن من الإبداع بدونها. كما قال كيزيتش في كتابه: «كانت جوليتا أنفاس فيدريكو».

كانت إيفا زورالوفا ( ١٩٣٢ - ٢٠٢٢ ) ناقدة سينمائية ومترجمة، ومؤلفة مرموقة، وكاتبة عمود مشهور في التشيك، مثلما عملت كمعلمة في كلية السينما والتلفزيون التابعة لأكاديمية الفنون، حيث كانت تُلقي محاضرات عن تاريخ السينما. في عام 1994 عندما تولى ييري بارتوشكا رئاسة مهرجان كارلوفي فاري السينمائي الدولي اختارها إلي جواره، وصنعا فريقاً متعاونا، أثبت أثناءه إيفا قدرتها على لعب دور مهم في إنقاذ المهرجان وتحويله إلى مهرجان سينمائي مشهود له دوليًا. في البداية عملت زورالوفا كمديرة برمجة للمهرجان، ثم كمديرة فنية حتى عام 2011 ، وبعد ذلك ظلت تخدم خدماتها كمستشارة فنية.

كانت إيفا زورالوفا أنيقة دائمًا، وخبيرة موثوق فيها ومعترف بها. شاركت زورالوفا في لجان تحكيم الأفلام بأعرق وأهم مهرجانات العالم وفي مقدمتها فينيسيا وبرلين وكان وغيرهم. حصلت على وسام الاستحقاق ووسام فارس الفن والأدب الفرنسي، وجائزة وزارة الثقافة، وحصلت من مهرجان كان على درع للنشاط الصحفي. مثلما احتفل بها أيضًا مهرجان كارلوفي فاري السينمائي ومنحها جائزة المساهمة الفنية، مثلما حصلت أيضًا على الأسد التشيكي لمساهمتها البارزة في التصوير السينمائي التشيكي.

حقا لقد رحلت إيفا زورالوفا بجسدها، لكنها تركت وراءها ميراثاً ثمينا من الكفاح والأنشطة والمقالات والترجمات وكثير من الشخصيات التي تعلمت على يديها. ليس هذا فحسب، لكنها خلَّفت وراءها ميراثاً غالياًَ من الحب والذكريات الجميلة التي لن تُنسى أبداً، لذلك فهى تستحق عن جدارة لقب «أسطورة المهرجان».

إعلان

إعلان

إعلان